مشروع بوابة مكة .. بين الحلم والحقيقة
انتشر قبل أيام مقطع فيديو يتحدث عن مشروع (بوابة مكة)، وهو مشروع وضع لأهالي مكة منذ حوالي خمسة عشر عاما، حينما منح خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز- رحمه الله - الأرض لأهالي مكة لإقامة متنزهات استثمارية ترفيهية عليها , وهي منطقة بامتداد يصل في بعض جوانبها إلى 14 مليون م2 وأخرى الى 7 ملايين م2.
وحقيقة أثار المقطع شجون الكثير من أهالي مكة المهتمين بتطوير العاصمة المقدسة. فهو يعرض أقسام المشروع وأنه مشروع سكني – ترفيهي , ويعتبر المتنفس الاستراتيجي لأهالي مكة ومنطقة سياحية باذخة للزوار والمعتمرين والحجاج؛ فهو يشتمل على المتنزه الوطني لمكة المكرمة بمسطحات خضراء، وألعاب مائية، وألعاب ترفيهية.
كما خطط بأن يكون به مجمع للدوائر الحكومية، بحيث تنقل إليه لتخفيف الضغط عن زحام وسط المدينة. بل خطط أن يكون له منطقة للمعاهد والكليات ومباني تعليمية للمدارس، ويضاف له معرض عالمي (اكسبو العالم الإسلامي) بحيث تشترك جميع الدول الإسلامية في المعرض لعرض تراثها وثقافتها وحضارتها للزائرين؛ وبذلك يحرص كل من يأتي لمكة المكرمة للحج أو العمرة على زيارة هذا المعرض
للاطلاع على التراث الحضاري للشعوب الإسلامية والمجتمعة في مكان واحد. لقد كان الفيديو أشبه بحلم جميل شخصت عيون أبناء مكة في انتظار تحقيقه على أرض الواقع.
نعم خمسة عشر عاما والترفيه في مكة لم يزد عن مواقف السيارات في مدخل مكة، حيث تلفح وجوه مرتاديه الأتربة وغازات عوادم السيارات.. وتحرق طرقات الإسفلت الساخنة أقدام الصغار!
خمسة عشر عاما في عمر الشعوب المتقدمة ربما تقام مدن متكاملة ببناها التحتية وكافة مرافقها واحتياجاتها!
ولكن دعونا من الأحلام، ولنكن أكثر واقعية في مواجهة التحديات التي تواجه ذلك المشروع الاستثماري الضخم فهو مشروع تشرف عليه (شركة بوابة مكة) كما أعلن، لكن المشروع يحتاج إلى :
- دعم أهالي مكة في الاستثمار في المشروع.. وللأسف فإن كباررجال الأعمال في مكة يستثمرون في الترفيه بجدة، ويضنون على أهالي مكة بأبسط حقوقهم في الترفيه، وينأون عن الاستثمار في المنطقة !
- نحتاج أن تقوم هيئة الترفيه وهيئة السياحة والتراث الوطني- وبما يملكان من مقومات اقتصادية - إدارية لدعم المنطقة بمشاريع ترفيهية استثمارية ضخمة على غرار ديزني لاند مثلا، وكذلك تبني معرضي اكسبو العالمي للتراث العالمي. وهذا سيحقق أهدافا اقتصادية كبرى فضلا عن الأهداف الثقافية، والترفيهية، والتعليمية، والاجتماعية، لأبناء منطقة مكة المكرمة؛ فالترفيه ليس فقط إقامة حفلات غنائية وطرب وبتذاكر باهظة لا يقدر عليها سوى أبناء الطبقة المخملية في المجتمع. نريد ترفيها لأبناء العامة يتناسب مع دخلهم.. ترفيه يجمع بين المتعة والفائدة، فهناك ألعاب تحفز على الخيال العلمي، وأخرى على الإبداع والنظرللمستقبل، وثالثة في التاريخ والعلوم والفنون وهكذا.
- نريد إنشاء مستشفى .. تخصصي في المشروع لأهالي مكة لعلاج الأورام والأمراض المستعصية؛ فقد أضحت مستشفيات جدة تعج بهم، ولا يملكون سوى قطع المسافات للعلاج هناك!
فأين أبناء مكة المستثمرون في صحة الإنسان!
- بل ربما نحتاج أن يتحول جزء من المشروع إلى أسهم استثمارية، يشترك بها أبناء مكة فهم أولى من غيرهم في الاستثمار بمكة!
بعمل مطاعم، وكافيهات، ومتنزهات، وفنادق، ومول... وقد طرحت هذه الفكرة في مؤسسة جنوب آسيا – أيام مجدها - وقبل 8 سنوات للاستثمار في المنطقة، وأن تكون منطقة سكن للحجاج والمعتمرين، وتكون بها كافة الخدمات وينقل الحجاج للحرم عبر رحلات ترددية لتخفيف الضغط على المنطقة المركزية.
فإذا علمنا بأن هذه المنطقة ستكون قريبة من المشروع العملاق (الفيصلية) لأدركنا أهمية الإسراع في دعم المشروع الذي سيدعم التنمية الشاملة في مكة المكرمة. فهل يتحرك أبناء مكة المكرمة للاستثمار في المنطقة!
ولكن قبل هذا هل أعدت أمانة العاصمة المقدسة مخطط للبنى التحتية الخدمية للمشروع: الكهرباء - الماء - الصرف الصحي - تصريف السيول.. حتى لا نصطدم بواقع مرير بعد تحقق المشروع الحلم..؟
بقلم : فاتن محمد حسين
نشر في صحيفة مكة بتاريخ : الخميس 17 ربيع الثاني 1439 - 04 يناير 2018
0 تعليقات